ما هي الأمور المشتركة بين الدم الذي يجري في جسدك ومزيل طلاء الأظافر؟ كلاهما يحتوي على جسيم كيتوني يسمى الأسيتون. لعل الأمر يبدو كمزحة، لكنه أحد الحقائق التي لا يعرفها الكثير من الناس حول جسم الإنسان.
الأسيتون هو أصغر جسيم كيتوني يتم إنتاجه بشكل طبيعي في أجسامنا، وذلك عند دخول الجسم في مرحلة حرق الكيتونات، أو ما يُسمى بالحالة الكيتونية. قد تكون مادة الأسيتون سامة عند استنشاقها أو بلعها، إلا أنها غير ضارة (وربما تكون مفيدًا) عندما يتم إنتاجها داخل الجسم.
لكن، كيف يكون هذا ممكنًا؟ دعونا نلقي نظرة فاحصة على الأسيتون لمعرفة ذلك.
ما هو الأسيتون؟

الأسيتون، واسمه العلمي بروبانون، هو أبسط وأصغر جسيم كيتوني. (ألا تعرف ما هو الكيتون؟ اقرأ هذا المقال إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن الكيتونات.)
يتم إنتاج الأسيتون بشكل طبيعي في النباتات والحيوانات والبيئة وأجسامنا، كما يعد العنصر الأساسي في تصنيع مزيل طلاء الأظافر ومزيل الدهان وغيرهما من المنتجات الصناعية. إذ يستخدم الأسيتون على نطاق واسع لأنه بمثابة مذيب للسوائل الأخرى بشكل فعال للغاية.
وعلى الرغم من أن هذا السائل عديم اللون قد يبدو غير ضار عند شراءه من المتجر، إلا أنه يجب التعامل معه بحذر شديد، إذ يمكن أن يكون سامًا جدًا عند استنشاقه وابتلاعه، بالإضافة إلى أنه شديد الاشتعال.
بعبارة أخرى، الأسيتون هو مذيب متعدد الاستخدامات، لكنه آمن لأجسامنا عند إنتاجه مع عمليات الجسم الداخلية. أما إذا تعرض الجسم له من المصادر الخارجية، فسيؤدي ذلك إلى حدوث مشاكل صحية قد تكون بسيطة وقد تكون مزمنة.
السلامة العامة عند استخدام الأسيتون

يعتبر الأسيتون الذي لا ينتجه جسمك مركبًا عضويًا متطايرًا سامًا. لذلك، من الضروري اتباع إرشادات الاستخدام عند التعامل معه للحفاظ على سلامتك وصحتك. وعادة ما تكون الآثار الصحية للتعرض له (عن طريق بلعه أو استنشاقه) خفيفة، والأعراض الأكثر شيوعًا لذلك هي الخمول والصداع والارتباك في الكلام وعدم الاتزان بشكل عام. وسيؤدي التعرض الموضعي للأسيتون إلى تهيج المنطقة التي تتعرض له بشكل مباشر، في حين أن التعرض المتكرر قد يسبب التهاب الجلد.
ويمكن أن يؤدي التعرض للأسيتون بدرجات كبيرة أو لفترات طويلة إلى ظهور أعراض أكثر حدة قد تهدد الحياة. وهذا ما يسمى التسمم بالأسيتون. لعلاج هذه الحالة، عادةً ما يمنح الطبيب الجسمَ وقتًا ليخرج الاسيتون من الرئتين (المسار الرئيسي لإفراز الأسيتون) مع مراقبة المؤشرات الحيوية ومستويات السوائل لدى المريض. لكن إذا لامس الأسيتون جلدك أو عينيك، فمن الأفضل إزالة أي ملابس ملوثة وغسل المنطقة المصابة بالماء النظيف.
يمكن الوقاية من الاسيتون عن طريق ارتداء القفازات والملابس الواقية والحفاظ على التهوية. ومن المهم أيضًا إبعاده عن اللهب المكشوف أو أي مصادر مشتعلة أخرى، إذ يمكن أن يتسبب تعرض الأسيتون لدرجات حرارة عالية إلى حدوث حريق.
باختصار، احرص على عدم تعرض بشرتك أو عينيك أو جسمك بشكل عام للأسيتون، واحرص على أن تبقيه بعيدًا عن النار ومصادر الاشتعال الأخرى. لحسن الحظ، لا يجب أخذ نفس الإجراءات عندما يتم إنتاج هذه المادة داخل الجسم، حيث أن أجسامنا قادرة على تنظيم مستويات الأسيتون الطبيعية بحيث تفرزه دون التسبب بأي ضرر للصحة (في معظم الحالات).
انتاج الأسيتون طبيعيًا داخل الجسم

تنتج أجسامنا الأسيتون عن طريق حرق الدهون المخزنة في الخلايا (وبعض الأحماض الأمينية) وتحويلها إلى كيتونات عبر عملية تسمى توليد الكيتون. خلال هذه العملية، يحول الكبد الأحماض الدهنية إلى أجسام كيتونية يمكن للخلايا الأخرى في جميع أنحاء الجسم، وخاصة خلايا المخ والقلب والعضلات، استخدامها كمصدر فعال للطاقة، وذلك عند الحد من استهلاك الكربوهيدرات و/أو السعرات الحرارية.
عندما يبدأ الكبد في إنتاج الكيتونات كمصدر للطاقة للمرة الأولى، فإن العملية لن تكون فعالة جدًا. فخلال المراحل الأولى من حمية الكيتو أو الصوم، لا يرجح أن يتم افراز بروتينات بيتا هيدروكسي (BHB)، وهو مركب الكيتون الأكثر كفاءة، وذلك راجع إلى النقص النسبي في ركائز الطاقة والأنزيمات المنتجة للكيتونات. وعوضًا عن ذلك، يتم إنتاج جسيم كيتوني آخر يسمى أسيتوسيتات بكميات أكبر، ويتم إرساله عبر مجرى الدم، حيث تستخدمه خلايا الجسم الأخرى كمصدر للطاقة.
في الواقع، قد يكون مركب الكيتون هذا بمثابة بديل فعال للسكر الذي نحرقه للحصول على الطاقة. لكن المشكلة هنا أنه يمكن تحويل أسيتوسيتات تلقائيًا إلى أسيتون. بمجرد حدوث ذلك، يصبح الأسيتون عديم الجدوى وينتقل عبر الجسم إلى أن يخرج مع النفس أو البول والعرق. لسوء الحظ، هذا ما يؤدي إلى حصول أحد أعراض الكيتو وهو “رائحة النفس الكريهة” المصاحبة لحمية الكيتو، وهذه الرائحة غير اللطيفة أشبه ما تكون برائحة مزيل الأظافر أو الفاكهة الناضجة جدًا.
عندما تزيد حاجة الجسم إلى الكيتونات، سيفضل الكبد إنتاج BHB أكثر من إنتاج الأسيتات، وسيصبح BHB أكثر الكيتونات انتشارًا في الجسم. بمجرد حدوث ذلك، قد تنخفض مستويات الأسيتون التي يفرزها الجسم ولن تعود رائحة النفَس مشكلة.
إن الأسيتون، ببساطة، مجرد عرض ثانوي للوصول إلى الحالة الكيتونية والحفاظ عليها، ويتم إفرازه في الغالب من خلال النفس. في حقيقة الأمر، رائحة الفم الكريهة أمر جيد بعض الشيء، لأنها تشير إلى أنك على الطريق الصحيح لتحقيق الحالة الكيتونية والحفاظ عليها (إذا كان هذا هو هدفك).
انتاج الأسيتون طبيعيًا وسلامة الجسم

يمكن أن يكون إنتاج الأسيتون ضارًا بالجسم عند حدوث خلل في عمليات تنظيم الكيتونات الطبيعية. إذ تستمر مستويات الكيتونات في الارتفاع عند حدوث مثل هذا الخلل، وذلك ينتج عن خلل في مستويات السكر (أو الكحول) في الدم. وفي نهاية المطاف سوف تتدهور حالة الجسم إلى أن يصل إلى مرحلة الحماض الكيتوني، وهي مرحلة فيها خطر محتمل على الحياة.
غالبًا ما يحدث هذا نتيجة للاصابة بمرض السكري في حال لم يكن تحت رعاية طبية (على الأرجح للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول)، عندما يعاني الشخص من حالات توتر شديدة مع الحد من السعرات الحرارية، أو استهلاك الكحول المفرط. للمزيد من المعلوماات حول حالة الحماض الكيتوني وكيفية الوقاية منه، راجع هذا المقال.
على عكس الحماض الكيتوني، فإن الحالة الكيتونية التي تنتج عن اتباع حمية الكيتو أو الصيام المتقطع هي نوع من حالات التمثيل الغذائي الآمنة والصحية. إذ يمكنك الحصول على مجموعة متنوعة من الفوائد الصحية من خلال زيادة إنتاج الكيتون بطريقة صحية. (إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن الحالة الكيتونية، نوصي بقراءة من هذا المقال.
ما أهمية الأسيتون لحمية الكيتو ؟

عندما يبدأ جسمك في إنتاج الأسيتون أكثر من المعتاد، فهذا يعد دليلًا على أنك في (أو على وشك أن تدخل) الحالة الكيتونية. في الواقع، تشير الدراسات إلى أن مستويات الأسيتون ترتبط بمستويات البلازما لجميع أجسام الكيتون الثلاثة، ويظهر ذلك جليًا عبر رائحة النفَس الكريهة.
قد لا يكون الأسيتون ذا فائدة كبيرة للجسم، إلا أنه علامة على زيادة إنتاج الكيتونات الأمر الذي يعني أنك قد بدأت حقًا رحلة تحقيق كل الفوائد التي تمنحها لك حمية الكيتو.
لمحة موجزة عن فوائد حمية الكيتو

تركز حمية الكيتو على الحد من استهلاك الكربوهيدرات كي تسمح لأجسامنا الدخول في الحالة الكيتونية. هذا يمنحنا مجموعة كبيرة من الفوائد ومنها:
- تعزيز صحة الدماغ والوظائف الادراكية
- زيادة الطاقة
- التقليل من حدة الآلام والالتهابات
- الحصول على جسم أفضل
- انخفاض الشهية
- تحسين الأداء في التمرينات وزيادة القدرة على تحملها
هذا ما يفسر أهمية حمية الكيتو في مساعدة الأفراد الذين يعانون من الحالات التالية:
- الصرع
- داء السكري من النوع الثاني
- السكري من النوع الأول
- ضغط الدم المرتفع
- مرض الزهايمر
- مرض الشلل الرعاشي (باركنسون)
- الالتهابات المزمنة
- ارتفاع مستويات السكر في الدم
- السمنة
- أمراض القلب
- فرط الدهون
- متلازمة تكيس المبايض
- مرض الكبد الدهني
- السرطان
- الصداع النصفي
يمكن التخفيف من حدة كل حالة من خلال اتباع حمية الكيتو وحرق الكيتونات كمصدر للطاقة – كما أن زيادة إفراز الأسيتون يعد أحد المؤشرات الأولى على أنك ستحظى بهذه النتائج المذهلة. لا يصدق، أليس كذلك؟
إذا كنت ترغب في الاطلاع على الأبحاث التي أنتجت هذه الفرضيات، قم بقراءة هذا المقال حول فوائد حمية الكيتو.
طريقة فحص الأسيتون والكيتونات الأخرى

ورد سابقًا أن انتاج الأسيتون (من خلال التنفس بشكل أساسي) يساعدنا على معرفة ما إذا كنا قد وصلنا للحالة الكيتونية (أو على الأقل أننا في المسار الصحيح مع نظامنا الغذائي). لكن الطريقة الأفضل والأكثر دقة هي استخدام مقياس كيتونيكس، وهو جهاز لقياس الكيتونات عبر قياس مستويات الأسيتون، قد يبدو هذا مكلفًا بعض الشيء، إلا أنه يمكنك استخدامه إلى الأبد.
ولا تنسً أن مستويات الأسيتون تساعد على تقدير مستويات الأسيتات و BHB، الكيتونات الوحيدة والأكثر فعالية في إنتاج الطاقة. لكن، إذا كنت تفضل أن لا تشتري هذا الجهاز، فهناك طريقتان لقياس وجود الكيتونات الأخرى في جسمك أيضًا.
الطريقة الأولى هي اجراء فحص بول يمكنك من الحصول على تقدير نسبي لكمية الأسيتات التي تنتجها. أما الطريقة الثانية فهي استخدام جهاز قياس الكيتونات في الدم. إذ يتتبع هذا الجهاز مستويات BHB بدقة عالية.
لمعرفة المزيد من المعلومات حول كل واحدة من طرق قياس الكيتونات هذه، فراجع هذا المقال.
اترك تعليقاً